الخميس، 28 فبراير 2019

ميثاق العسر واعتبار بعض أسانيد حديث «إن الله يغضب لغضب فاطمة» - الحلقة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم
ميثاق العسر واعتبار بعض أسانيد حديث «إن الله يغضب لغضب فاطمة»

بقلم الشيخ: إبراهيم جواد.

لقد أفرطَ ميثاق العسر في التقلّب والتلوّن والازدواجيّة وتوظيف الأدوات العلمية لخداع الجماهير، وأنا أشفقُ على بعضهم ممن يميل مع ريحه إذا أرادها أن تهبّ شرقاً أو غرباً، فتقلّبات العسر لا ميثاق لها، كما أنها لا نهاية لها، وهي تتغير بحسب توظيفه للعلم في إدارة بوصلته لمغازلة الجهة الفلانية أو غيرها، ولا نريدُ الخوضَ في هذا الأمر كثيراً، فسوف نتعرّضُ له لاحقاً، أما ما يخص موضوعنا فسوف نذكرُ ما يلي، ثم نُتبعه بجميع الوثائق المصوَّرة إن شاء الله تعالى.

كتب ميثاق العسر بتاريخ (8/5/2015) على صفحته الشخصيّة في موقع فيسبوك ما نصّه: (أشفق كثيراً على بعض أساتذتي وأشعر بالخيبة وفقدان الأمل حينما أراهم يهرفون بما لا يعرفون؛ إذ إنهم - وحسب معرفتي بهم - يحتاجون إلى من يقف إلى جنبهم على مدى (24) ساعة لإرشادهم وتوجيههم وتذكيرهم بكلامهم ولوازمه، وإن ما ذكرتموه هنا يتنافى مع ما ذكرتموه هناك..إلخ).

إذن؛ هو ينعى على أستاذه كثرة التقلُّبِ والقفز بين الأقوال على نحو التناقض بينها، ويبدو أنّ التلميذَ النَّجيبَ - بحكم المجاورة - قد أصيبَ بنفس علّة الأستاذ، فهو لا زال يتقلّب بين الآراء، وذلك لكثرة توظيفها بحسب متطلّبات كل مرحلة، وفي هذه الأوقات نجدهُ يخدعُ متابعيه ويزعمُ أمامهم عدم صحّة الأسانيد الثلاثة التي يروي بها الصدوق حديثَ «إنَّ الله يغضبُ لغضب فاطمة..»، فقال في منشورٍ له بتاريخ (16/2/2019) وهو [الحلقة السابعة] بحسب ترتيبه: (وفي ضوء ما مرّ يتبيّن وجه الإشكال في الصّيغة الّتي أوردها المرحوم الصّدوق للحديث مدّعياً روايتها بأسانيد ثلاثة عن الرّضا "ع" في كتابه الّذي أهداه للوزير الصّاحب بن عبّاد عيون أخبار الرّضا "ع"؛ فمضافاً إلى سقوط جميع هذه الأسناد عن الاعتبار للجهالة والإهمال وإنّ محاولة تصحيحها بمجموعها كلام مذهبيّ لا قيمة له عند المحقّقين، فإنّ الصّيغة تتحدّث عن ربط غضب ورضا الله بغضب ورضا فاطمة..إلخ).
فهل هذا صحيح حقاً؟ وهل يقول المحققون إن تصحيح هذه الأسانيد لا قيمة له؟ وماذا لو أراد ميثاق العسر أن يحتجّ بمثل هذه الأسانيد؟!

فلنرجع بعجلة الزمن إلى الوراء، ولننظر إلى ما كتبه المحقق الفيسبوكيِّ العظيم ميثاق العسر في منشور له بتاريخ (19/3/2017) بعنوان: (هكذا كانت فاطمة)، قال: (روى الصدوق في عيونه بأسانيده الثلاثة وفيها المُعتبر عندهم عن عليّ بن الحسين السجاد "ع" عن أسماء بنت عميس إنها حدّثته: كنت عند فاطمة جدتك "ع" إذ دخل عليها رسول الله "ص" وفي عنقها قلادة من ذهب كان قد اشتراها لها علي بن أبي طالب "ع" من فيءٍ [وهو المال الذي أخذه المسلمون من الكفار بلا قتال!] فقال لها "ص": يا فاطمة «لا يقول الناس إنّ فاطمة بنت محمد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبةً فأعتقتها [لوجه الله تعالى]». [عيون أخبار الرضا، ج2، ص44-45].
أبارك لكم ولادة بضعة الرسول فاطمة الزهراء ع، وأسأله تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بحلمها وحكمتها والعاملين بسيرتها الصحيحة وتعاليم أبيها، إنه ولي حميد)، انتهى نصّ كلامه.
والمراد بالأسانيد الثلاثة: هي أسانيد روى بها الصدوق عدداً من الروايات، وهذه الروايات موجودة في الجزء الثاني من (عيون أخبار الرضا)، وتبدأ من صفحة (48) وتنتهي في صفحة (110) أي من الحديث رقم [359] إلى الحديث رقم [545].
والحديث الذي اعترف العسر أنّ بعض أسانيده معتبرة عند الشيعة الإمامية رقمه (516)، وحديث النبي (صلى الله عليه وآله) «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة..» مرويّ برقم (361) ورقم (531).. فكل ما تقدّم مرويّ بالأسانيد الثلاثة، إلا أنّ هذه الأسانيد لها حكمٌ يتغيّر من فترةٍ لأخرى بحسب متطلبات كل مرحلة، والله من وراء القصد كما هو واضح :)

والظّاهرُ هنا: أنّ التلميذَ كأستاذه، بحاجةٍ إلى من يذكّره بأنّ ما قاله هنا يتنافى مع ما قاله هناك، وهذه هي السياسة البازاريّة التي تمحّضت في قانون العبثيّة وخديعة عامة الناس عبر التلبّس بلباس البحث العلميّ والنزاهة، وتوظيف العلم في تحقيق مآرب كل مرحلة!

إذن؛ حينما أراد توظيفَ هذا الحديث لغايةٍ ما كانت أسانيد الصدوق الثلاثة فيها ما هو معتبرٌ عند الشيعة الإماميّة، وحينما أراد الطعن في حديث «إن الله يغضب لغضب فاطمة» أصبح تصحيح هذه الأسانيد كلاماً مذهبياً لا قيمة له عند المحققين! ومن هم هؤلاء المحققون بربّك؟ لعلك تخالُ نفسك منهم؟ وأين كان المحققون عندما رأيت تلك الأسانيد الثلاثة فيها المعتبر عندهم؟! إنّه لمن المهزلة والخيبة أن يعبث بعلم الحديث والرجال متقلّب يتلوّن بحسب متطلبات كل مرحلة... ولعلّ في هذا الحالِ درساً لكل من يقرأ ويتابع، أن لا يُصغي لكل من نسخَ ولصق أحاديث الرواة وتكلّم في صحة الأسانيد وضعفها، فهناك من يحقّق خدمةً للعلم، وهناك من يوظّف هذه الأدوات لأداء متطلبات كل مرحلةٍ، وربما لو فُعِّل سهم المؤلفة قلوبهم وعُمل به ربما سيعيد «صاحبُنا» النظرَ في تضعيف الأسانيد الثلاثة، من يعلم؟ لكل مرحلةٍ تصحيحاتها وتضعيفاتها، وإلى الله عاقبة الأمور.

ويليقُ بالمقام أن نذكر ما قاله العسر في (الخطبة البازاريّة) حيث قال:
(إنّ أخطر مرحلة يمر بها الإنسان تكمن في توظيف أدوات البازار والسوق في التعاطي مع المفردات الدينية؛ فيصبح المقياس الذي تقاس به قيمة (المفردة الدينية) هو مقدار الربح (الدنيويّ) الذي توفره والخسارة التي تسببها؛ وبذلك يُصار إلى تحليل كثير من الأمور المحرمة، وتحريم كثير من الأمور المحللة؛ وسبب ذلك عائدٌ إلى نظام السوق والبازار؛ والذي يتأثّر بطبيعته بنظام العرض والطلب...إلخ).


يُتبع.. بمزيدٍ من صنوف التناقضات والأكاذيب، وإليك الآن توثيق المطالب.

ملاحظة: يرجى الضغط على الصور لتظهر أكثر وضوحاً.

أولاً: كلامه عن تقلّبات أستاذه وأنّه بحاجة لمن يذكّره بكلامه ولوازمه.

ثانياً: تضعيف ميثاق العسر للأسانيد الثلاثة.

ثالثاً: اعترافه بأنّ الأسانيد الثلاثة بعضها معتبرٌ عند علماء الإمامية.

وعبر صفحته في تويتر:

رابعاً: الأسانيد الثلاثة في (عيون أخبار الرضا - الجزء الثاني)
خامساً: الخطبة البازاريّة العميقة.