الثلاثاء، 12 فبراير 2019

[11] الحيرة بعد الإمام الصادق (عليه السلام) وروايات الخلفاء الاثني عشر..

بسم الله الرحمن الرحيم
الحيرة بعد الإمام الصادق (عليه السلام) وروايات الخلفاء الاثني عشر..

بقلم الشيخ: محمد جاسم.

السؤال: كيف ينسجم ما وصفته بعض الروايات من حيرة أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) بعد وفاته مع روايات التي ذكرت الخلفاء الاثنا عشر وصرّحت بأسمائهم؟
أجيب عن ذلك بأنّ "هذه أدلّة بعد الوقوع"، أي أنّ هذه الأدلّة قد اخترعت وأوجدت بعد ترتّب الأئمّة في الواقع بهذا الشكل، لا أنّها كانت كانت موجودة قبل ترتّب الأئمّة بهذا الترتيب.

ويلحظ عليه..
أولاً: إنّ هذه الروايات إنّما تدلّ على عدم وضوح مضمون هذه الروايات عند جميع الشيعة وعدم كونها من الضروريات التي لا يجهلها أحد من الشيعة في ذلك الزمان، وهذا أمر لا ندعيه أصلاً، وإنّما الذي نعتقد به هو وجود هذه الروايات وكونهما مبثوثة عند بعض الرواة، وهذا يجتمع مع جهل جملة من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) بها.
وببيان آخر: إنّ الروايات الدالّة على إمامة الاثني عشر يمكن تقسيمها إلى مجموعات ثلاث..
١ـ ما دلّ على وجود اثني عشر إماماً بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غير تعيين لأسمائهم. وهذه طائفة واسعة من الروايات موجودة في كتب الشيعة وأهل السنة، والاعتقاد بهذه المجموعة من الروايات يفضي إمّا إلى الاعتقاد بمجهولية هؤلاء الأئمّة أو بعضهم وعدم وجود من يعرفهم في الأمّة [وهو باطل من وجوه شتى]، وإمّا إلى الاعتقاد بأئمّة الشيعة الاثنى عشر؛ لعدم وجود ما يصلح تطبيقاً لهذه الروايات عند غيرهم من المسلمين.
٢ـ ما دلّ على إمامة الاثني عشر مع بيان بعض أسمائهم، كالروايات الكثيرة المبينة أنّ اسم ثلاثة منهم محمّد واسم أربعة منهم عليّ.
٣ـ ما دلّ على إمامة الاثني عشر مع بيان أسمائهم وترتيبهم، وهذه الطائفة منها ما روي عن الأئمّة المتأخرين عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ومنها ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أو من تقدّم عليه من الحجج (عليه السلام).
ومن الواضح أنّ غاية ما تدلّ عليه الروايات الواصفة للحيرة بعد الإمام الصادق (عليه السلام) هو عدم اشتهار ومعروفية القسم الثاني من الطائفة الثالثة عند جميع أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، ولا ينفي معرفة بعضهم لهذه الروايات وروايتهم لها، فلا ملازمة بين جهل بعض الأصحاب وجهل جميعهم.
وقد تعرّض الشيخ الصدوق (ره) لهذا الاعتراض الذي نقله عن الزيدية، وأجاب عنه بالقول: (إنّ هذا كلّه غرور من القول وزخرف، وذلك أنّا لم ندعِ أنّ جميع الشيعة عرف في ذلك العصر الأئمة الاثني عشر عليهم السلام بأسمائهم، وإنّما قلنا: إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أخبر أنّ الأئمة بعده الاثنا عشر، الذين هم خلفاؤه وأنّ علماء الشيعة قد رووا هذا الحديث بأسمائهم، ولا يُنكر أن يكون فيهم واحد أو اثنان أو أكثر لم يسمعوا بالحديث) [كمال الدين: ١٠٣].

ثانياً: على فرض وقوع التنافي بين المجموعتين من الروايات ـ ولا تنافي في البين ـ فلا بدّ من معرفة الأرجح منهما بالطرق العلمية بملاحظة أسانيد وعدد الروايات، ولا يصحّ الاعتماد على طائفة منها ورمي الأخرى بالوضع من دون تقييم موضوعي. ومن الواضح أنّ الروايات المعدودة الدالّة على الحيرة بعد وفاة الإمام الصادق (عليه السلام) لا تضاهي ـ على فرض المعارضة والمنافاة ـ الروايات المتواترة التي وردت في النصّ على الأئمّة الاثني عشر.