الأربعاء، 27 فبراير 2019

ملاحظات حول حديث إغضاب الزهراء (عليها السلام) - الحلقة الخامسة


بسم الله الرحمن الرحيم
ملاحظات حول حديث إغضاب الزهراء (عليها السلام) - الحلقة الخامسة

بقلم الشيخ: محمد جاسم.

قال المستشكل ـ معلّقاً على اعتماد الشيعة على ما دلّ على ملازمة غضب الزهراء (عليها السلام) لغضب النبي (صلى الله عليه وآله) ـ : (إنّ سبب صدور هذا الحديث من النّبي "ص" كما هو صريح الكتب السُنّيّة والشّيعيّة هو إغضاب وإغاظة عليّ "ع" زوجته فاطمة "ع" بسبب خطبته بنت أبي جهل... هذا هو السّياق المرويّ في كتب السُنّة والشّيعة(١) لولادة هذا الحديث؛ فإذا كنت تنكر مثل هذه الحادثة فما معنى تمسّكك بهذا الحديث؟! وإذا كنت تؤمن بهذه الحادثة فلماذا لا تطبّقها على عليّ "ع" وهو سبب نزولها؟!). وكرّر ذلك في مواضع كثيرة [لاحظ الصورة المرفقة مثلاً].

وقد اتضحّ تفصيل الجواب عن هذه الشبهة ممّا تقدّم، وملخّصه:
إنّ رواية المسور بن مخرمة قد وردت في كتب أهل السنة بأربع طرق وصياغات، فينبغي ملاحظة كلّ واحد منها لنرى هل أنّها تشتمل على حديث (من أغضبها فقد أغضبني) أو ما يرادفه [سنطلق على ذلك اسم "الحديث" اختصاراً]؟ وهل تشتمل على تطبيقه في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام) كما زعم المستشكل [سنطلق على ذلك اسم "التطبيق" اختصاراً]؟
[الطريق الأول]: لم يشتمل على الحديث، واشتمل على التطبيق فقط.
[الطريق الثاني]: اشتمل على الحديث دون التطبيق.
[الطريق الثالث]: اشتمل على الحديث دون التطبيق.
[الطريق الرابع]: اشتمل على الحديث دون التطبيق.
فيتبيّن أنّ ما اشتمل على الحديث من هذه الطرق لم يذكر فيها أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد أغضب الزهراء (عليها السلام) وأغاظها، وما اشتمل على أنّه قد أغضبها وأغاظها [وهو الطريق الأول فقط] لم يشتمل على الحديث.. فكيف يقال بعد ذلك: (إن كنت تنكر الحادثة فما معنى التمسّك بهذا الحديث؟)، فالذي ننكره هو الطريق الأول والذي ليس فيه الحديث لكي نتمسّك به أصلاً، والذي نقبله هو ما اتفقت عليه الطرق الثلاثة الأخرى التي تضمّنت الحديث ولم تتضمّن الحادثة والتطبيق. فالمستشكل خلط على متابعيه ـ بقصد أو من دون قصد! ـ الطرق والروايات بغثّها وسمينها واعتبرها حديثاً واحداً ثمّ ألزم الآخرين بقبول هذا الحديث الملفّق كاملاً أو رفضه كاملاً، وهذا بعيد بمراتب عن المنهج العلمي في التعامّل مع المرويات.

وبهذا نتمّ الكلام عمّا أردنا ذكره فيما يرتبط بحديث المسوّر بن مخرمة، وقد تبيّن أن مقتضى المنهج العلمي هو ثبوت روايته لهذا الحديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) مع عدم اشتمال حديثه على تطبيق ذلك في شأن أمير المؤمنين (عليه السلام). وسننتقل إن شاء الله تعالى إلى الطرق والأسانيد الأخرى للحديث.

(١) نسبة ذلك إلى كتب الشيعة تدليس محض.