الثلاثاء، 12 فبراير 2019

[10] نقض بعض الإشكالات حول إمامة الإمام الكاظم (عليه السلام)

بسم الله الرحمن الرحيم
نقض بعض الإشكالات حول إمامة الإمام الكاظم (عليه السلام)

بقلم الشيخ: محمد جاسم.

رتّب ميثاق العسر على الرواية المذكورة في منشوره نتائج عدّ من أهمها: «إنّ الذّهاب لانحراف وضلال وفسوق جميع تلك الفرق الّتي ولدت بعد وفاة كلّ إمام مع ملاحظة هذه القصّة وغيرها أمرٌ يحتاج إلى مزيد من التّأمّل والتّأنّي والتّدقيق» مشيراً بذلك إلى الطوائف التي نشأت نتيجة للاختلاف في شأن الإمام اللاحق، كالفطحيّة التي ذهبت إلى إمامة عبد الله الأفطح ـ المذكور في الرواية المنشورة ـ بعد وفاة الإمام الصادق (عليه السلام).

ويلحظ على ذلك عدّة نقاط:
١ـ إنّ الرواية المذكورة أدناه مع وصفها لشدّة الحيرة التي وقع فيها بعض أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) بعد وفاته، فإنّها في الوقت نفسه تفيد: أنّ من أراد الحقيقة وطلبها بصدق وإخلاص وصل إليها ـ ولو بعد طول حيرة ـ .. فلا يصحّ أن يُأخذ من الرواية المقطع الذي يصف شدّة الحيرة ويُرتب عليه التشكيك في ضلال الطوائف المنكرة لإمامة الإمام اللاحق ـ نظراً لصعوبة الوصول إلى معرفته ـ، ويُترك المقطع الذي يفيد وصول الطالبين لمعرفة الإمام الحقّ إلى مرادهم؛ إذ مجرد تلك الأجواء الصعبة والمحيّرة ليست معذرة للفطحيّة ما دام باب الوصول إلى الحقيقة مفتوحاً، وعناية الإمام الكاظم (عليه السلام) شاملة لطلّابها.

٢ـ إنّ للرواية تتمّة لم ينقلها الناشر، ونصّها: «فخرجتُ [والكلام لهشام بن سالم] من عنده ولقيت أبا جعفر الأحول [= مؤمن الطاق]، فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى، وحدّثته بالقصّة. قال: ثم لقينا [الفضيل/المفضل] وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساءلاه وقطعا عليه [= اعتقدا بإمامته]، ثمّ لقينا الناس أفواجا، فكلّ من دخل عليه قطع عليه، إلا طائفة عمار الساباطي، وبقي عبد الله [الأفطح] لا يدخل إليه من الناس إلا القليل» [الإرشاد: ٢٢٣/٢].
فهذه التكملة تدلّ على وضوح الحقيقة بعد تلك الحيرة وقيام الحجّة على النّاس وتركهم معظهم لعبد الله الأفطح، وفي كتاب الكافي [الذي هو مصدر الشيخ المفيد في هذه الرواية] تتمّة طريفة توضّح حال مدعي الإمامة، وهي: «فلما رأى [عبد الله الأفطح] ذلك [= قلّة الناس حوله] وسأل عن حال الناس، فأُخبر أنّ هشام بن سالم صدّ عنه الناس، قال: فقال هشام: فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني» [الكافي: ٥٦٧/١].

٣ـ نقل الكاتب في منشور لاحق له رواية تتضمن حديثاً دار بين الإمام الصادق (عليه السلام) ومحمد بن مسلم، ومن جملة ما ورد فيها هذه الفقرة: «قلت: أفيسع الناس إذا مات العالم ألا يعرفوا الذي بعده؟ فقال: أمّا أهل هذه البلدة فلا - يعني المدينة - وأما غيرها من البلدان فبقدر مسيرهم» أي: إنّ أهل المدينة ليسوا معذورين في عدم معرفة الإمام اللاحق، وأمّا غيرهم فهم معذورون بمقدار وصول الخبر إليهم.. وعلّق الكاتب على جواب الإمام لمحمد بن مسلم بالقول: "فبدأ الإمام بطرح إجابة تحمل تفصيلاً كنت أتمنّى أن يسمعها ويعقلها بعض دعاة تكفير الآخر وتفسيقه والحكم بضلالته".
أقول: الرواية كما أنّها تدلّ على معذورية من لا يعرف الإمام من غير أهل المدينة بمقدار السفر ووصول الخبر (وهذا معنى صحيح ومقبول لا أظنّ أنّ من وصفهم الكاتب بدعاة التكفير والتفسيق يرفضونه)، فإنّها تدلّ على عدم معذورية أهل المدينة مطلقاً وغيرهم بعد وصول الخبر إليهم، فلا عذر للفطحية وأشباههم بعد وصول خبر إمامة الإمام اللاحق إليهم، فالكاتب ملزم بما ألزم به دعاة التكفير ـ حسب تعبيره ـ.