الثلاثاء، 12 فبراير 2019

[7] مغالطات في شأن الإمامة «4»

بسم الله الرحمن الرحيم
مغالطات في شأن الإمامة [٤]

بقلم الشيخ: محمد جاسم.

٢. عدم تناسب المقدمات والنتائج.
إنّ من الركائز الأساسية للبحث العلمي هو أن تكون النتائج مترتبة على المقدمات ومتفرعة على المعطيات، ولذا ينبغي عند النظر في أيّ استدلال تفكيكه إلى مقدماته التي يتوقف عليها والتفحّص في حال كلّ مقدمة منها؛ لكي يحترس الإنسان من تمرير مغالطة عليه.
ومن الملحوظ في كتابات بعض المشككين في شأن الإمامة فقدان الحد الأوسط ـ بحسب التعبير المنطقي ـ والقفز من بعض المعطيات إلى نتائج غير مترتبة عليها وعدم البرهنة على بعض المقدمات التي يتوقف كلامه عليها.
وسأذكر هنا مثالاً لذلك، وقبله ينبغي بيان مقدمة، وهي: أنّه قد وردت بعض الروايات التي تفيد أنّ زرارة بن أعين (ره) لم يكن يعرف الإمام بعد الإمام الصادق (علیه السلام)، فأرسل ـ وهو على فراش المرض ـ ولده عبيد بن زرارة إلى المدينة لكي يعرف الإمام ويأتيه بالخبر، إلا أنّ عبيداً وصل بالخبر بعد وفاة والده، وفي مقابل ذلك روى الشيخ الصدوق (ره) بسند معتبر عن الإمام الرضا (عليه السلام) حديثاً مفاده أنّ زرارة كان يعلم بإمامة الكاظم (عليه السلام) إلا أنّه أرسل ولده ليعرف هل يجوز له أن يظهر أمر إمامته أم لا؟

يتساءل المستشكل: (إذا كان زرارة يعلم بالأمر فهل يُعقل أن يرحل من هذه الدّنيا ولا يحثّ أولاده السّبعة ـ ولو بشكل غير مباشر ـ للاستفادة من نمير علم موسى بن جعفر الكاظم "ع" وهو على فراش الموت؟! وهل يُعقل إنّ السّبعة جميعاً ـ ما عدا واحد لم تثبت روايته ـ قد آمنوا بإمامة الكاظم "ع" ومع هذا تمنّعوا من الرّواية عنه "ع" ولو بالواسطة؟! تأمّلوا يرحمكم الله) [لاحظ الصورة المرفقة أسفل المقال].

أقول: إنّا إن فكّكنا كلام المستشكل وجدنا يتضمّن انتقالات عدّة:
١ـ الانتقال من عدم وجود رواية لأبناء زرارة عن الإمام الكاظم (ع) في كتبنا الحديثية إلى عدم رواية أبناء زرارة عن الإمام الكاظم (ع).
٢ـ الانتقال من عدم رواية أبناء زرارة عن الإمام الكاظم (ع) إلى أنّهم تمنّعوا عن الرواية (ع) والتشكيك في إيمانهم بإمامته (ع).
٣ـ الانتقال من عدم رواية أبناء زرارة عن الإمام الكاظم (ع) وتمنّعهم عن ذلك والتشكيك في إيمانهم بإمامته إلى عدم حثّ زرارة أبناءه على الاستفادة من نمير علمه (ع).
٤ـ الانتقال من عدم حثّ زرارة أبناءه على الاستفادة من علم الإمام الكاظم (ع) إلى عدم علمه بإمامته (ع).

لكن هل في كلام الكاتب ما يوضّح أيّاً من هذه الانتقالات؟ أم إنّه طوى هذه المقدمات في منشوره واعتمد على استحسانات القارئ وعدم اطلاعه في إثباتها؟ فتأمّلوا يرحمكم الله.
سأوضح في المنشور القادم حال كلّ نقطة [قفزة] من هذه النقاط إن شاء الله تعالى.