الأحد، 3 مارس 2019

ميثاق العسر واعتبار أسانيد حديث «إن الله يغضب لغضب فاطمة» - الحلقة الثانية


بسم الله الرحمن الرحيم
ميثاق العسر واعتبار أسانيد حديث «إن الله يغضب لغضب فاطمة» - الحلقة الثانية

بقلم الشيخ: إبراهيم جواد

وردَ سؤالٌ من بعض الإخوة حول ما جاء في الحلقة الأولى، وحاصل التساؤل أنّ ما ذكرهُ ميثاق العسر حول الأسانيد الثلاثة أنّه قال: (وفيها المعتبر عندهم)، ولم يعبّر عن رأيه، فكيف يمكن تصوير التناقض في كلامه؟!

الجواب:

أوّلاً: صحيحٌ أنه تكلم وفقاً لمباني علماء الإمامية ولم يعبٍّر عن رأيه، ونحنُ لم ننسب الرأي إليه في المقال، وإنما أشرنا إلى تلاعبه بأدوات العلم والمعرفة، وأنه متى شاء سلط الضوء على اعتبار السند ليمرِّرَ على عامة الناس مغالطته، ومتى شاء أن يشككهم في حديثٍ ما عَمِلَ على بث الشبهات حوله، وهذه طريقة تشيرُ إلى خبث طويّةٍ في التغرير بالقُرّاء.
والجدير بالتنبيه: إنه ذيّل منشوره المذكور بالدعاء للتمسك بسيرتها الصحيحة بعد أن ذكر الحديث، فلا أدري ما معنى هذا الدعاء بعد أن أورد شيئاً لم يثبت عنده أنه من سيرتها!
ومع ذلك: سيأتي في المقالات اللاحقة ما يوجِبُ إلزامه بما ينكره الآن، وحينها سوف تظهر تقلباته بشكل أكثر وضوحاً!

ثانياً: يظهرُ التناقضُ أيضاً بقوله إن الحكم باعتبار الحديث بمجموع الأسانيد الثلاثة كلام مذهبي لا قيمة له عند المحققين، وهنا ينبغي طرح السؤال: هل الأسانيد الثلاثة بالنسبة إلى محققي الإمامية (فيها المعتبر عندهم) أم أنها بنظرهم (تصحيحها كلام مذهبي لا عبرة به)؟!
وبعبارةٍ أخرى نوضِّح بها تناقضه، نقول: في كلامه الأول قال إنّ الأسانيد الثلاثة (فيها المعتبر عندهم)، وهنا نسأل: هل يشمل هذا المحققين أم لا؟! بلا شك هذا يشملهم؛ لأن الحكم على مثل هذه الأمور إنما هو لأهل التحقيق، وإلا فلا معنى للمحاججة بغير ذلك، فكيف انقلب الحالُ إلى أن صارت هذه الأسانيد غير قابلة للاعتبار بنظر المحققين وأن تصحيحها بنظر أهل التحقيق مجرد كلام مذهبي لا قيمة له؟!
إلا أن يكون قد بنى على كون المراد من (المحققين) هو شخصه، فهنا ينبغي أن يُتمثّل بقول أبي حنيفة النعمان - حسب الحكاية المنسوبة - ويُقال : «آن لأبي حنيفةَ أن يمدّ رجليه»، إذ إن إدخال نفسه في المحققين لا ينسجم مع منطق المحاججة؛ وإلا فهو كما قيل: فيك الخصام وأنت الخصم والحكمُ! وكيف يجعل نفسه حجةً ليحسم نزاعاً باستدلالٍ بالمحققين؟! مع العلم أننا كررنا عليه مِراراً أن لا أحد يتعبَّدُ بمبانيه الجليلة الشريفة (دامت إفاضاتها).

ثالثاً: إنّ ميثاق العسر شعر بمدى الأزمة والحرج الشديد الذي يسببه له تعبيره حول تلك الأسانيد الثلاثة، فرجع إلى منشوره وقام بتعديله على أمل أن يُخفِّفَ من الصدمة لدى متابعيه، فجعل عبارة (وفيها المعتبر عندهم) بهذا النحو: (وفيها المعتبر عند بعضهم)؛ ولكنّه غَفِلَ عن أنّ تلك المنشورات التي نشرها في صفحته قد وُثِّقَتْ بالصورة والتصوير بالفيديو أيضاً، كما أنّ الفيسبوك يحتفظُ بسجلٍ للتعديلات المُجراة على أيِّ منشورٍ كما سوف نبين بالوثائق.
وقد فعلَ ذلك بمنشورٍ آخر عبّر فيه عن هذه الأسانيد الثلاثة بأنّ فيها المعتبر عند علماء الإمامية ومحققيهم، حيث قام بتعديله بنفس النحو، وهذا يكشفُ للقراء مدى ارتباكه واضطراره إلى سحب أقواله القديمة، وهذا الأمر متوقَّعٌ ممن ينتهجُ السياسة البازاريّة وفقاً لمنطق العرض والطلب، وهذا العمل تفوحُ منه رائحةُ المكابرة والإصرار على التقلّب والتلوّن بين الحين والآخر.

والذي لا ينبغي إغفاله: أنّ مثل هذه التصرفات منه ليست مفاجئةً لنا، فليست هذه المرة الأولى التي يتلاعبُ فيها ميثاق العسر بالوقائع والحقائق، فهو قد فعل ذلك في زمان خدمته لمرجعيّة أستاذه (السيد الحيدريّ) والتسويق لها، وحاصل الأمر: أنّ أحدهم قد سرَّبَ تسجيلاً للسيد كمال الحيدري، وهو تسجيلٌ طويلٌ قد أثار لغطاً كبيراً آنذاك بسبب ما احتواه من تعدٍ وتطاول على بعض الفقهاء، وقد رسم ميثاق العسر حيلةً ليُخرِجَ أستاذه من هذا المأزق المُحرج، فطلب من أحدِ العاملين في مؤسستهم أن يقوم بإجراء بعض التعديل والتقديم والتأخير والحذف على التسجيل الصوتي؛ ليبدو أمام المتابعين على أنّه مُفبرَكٌ مُتلاعَبٌ به، وقد نجحت الحيلة وانطلت على الأتباع، وهذه الحيلة - للكذب على الناس وتبرئة ساحة أستاذه - تمتّ بطلب من ميثاق العسر وفقاً لاعترافه، حيث تم التلاعب بالتسجيل بطلبٍ منه شخصياً، وقد اعترف بذلك في منشور كتبه بتاريخ (17/8/2015)، وهو موثَّقٌ لدينا عبر آلية تصوير الفيديو بالحاسوب فضلاً عن الاحتفاظ بصورته، وسنعرض الصورة فيما يلي، وربما نعرض مقطع الفيديو لاحقاً إنْ تعرَّض هذا المنشور للبتر أو التحريف أو الحذف، ونصُّ عبارته كالتالي:
[وانسياقاً أيضاً: مع مقتضيات المرحلة وتدعايات هذا التسجيل الخطيرة حسب قناعتي، قام أحد الإخوة ممن نعرفهم – وبالتنسيق مع السيد الحيدري وبطلب منّي – بالتعديل والتقديم والتأخير والحذف على نفس الملف الثاني المنشور من هذه المقابلة بتوسّط برنامج: [Sound Forge] الشهير؛ وهذا الأمر ساهم بشكل من الأشكال في إقناع المحبين والمتابعين لسماحته –وخصوصاً الشباب – في وجود فبركة حقيقيّة في هذا التسجيل قام بها أتباع الخط الأموي، ولا زال بعضهم إلى هذه اللحظة مقتنع بذلك...إلخ)، انتهى نصُّ كلامه.
ويمكن أن يظهر لنا من هذا الاعتراف الخطير:
إنّ الرجل له سابقة في التلاعب بعقول الناس وخديعتها، ومن المهازل أنّه يتّهمُ الفقهاء والحوزات العلمية باستغفال الناس وتزييف الحقائق، ثم يصوِّرُ لهم أنّه المنقذ والمصلح والمجدد، وهو بنفسه قد مارس التدليس والكذب على الناس صِيانة لاستثمارات أستاذه في سوق «التمرجُع»، ورحم الله من كان لديه ذرّة من الحياء، فالإصلاح والتنوير لا يكونُ بالكذب على الناس وإلقاء ثقل المآزق على أتباع الخطّ الأمويّ، فرُبَّ شيطنةٍ هي أفظعُ من شيطنةِ أتباع بني أميّة!

ويحسن بنا أن نُوقف القارئ الكريم عند كلمة (انسياقاً مع مقتضيات المرحلة) وتحليلها وفقاً لما قدّمناه في الحلقة الأولى عن هذا المنطق القائم على التلاؤم مع سياسة العرض والطلب والتقلُّب وفقاً لمتطلبات كل مرحلة، وأشرنا لذلك مراراً ولا سيّما عند ذكرنا للخطبة البازاريّة الشامخة (دام مجدها) في المقال السابق.

وكل ما تقدّم من بيانٍ فيه عِظةٌ وعِبرةٌ لكلّ من يظنُّ أنّ أمثال هذا البوق الفارغ قادرٌ على إرغام أنوف أهل العلم أو أنّه قادر على إلحاق خدشةٍ صغيرةٍ بفضائل سيدة نساء العالمين صلوات الله عليها، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

يتبع؛.. والقادمُ أشدّ وأمرّ، وإلى الله عاقبةُ الأمور.

ملاحظة: يتم تكبير الصورة عبر الضغط عليها.

تعديل المنشور الأول الذي احتججنا به وتحريفه العبارة إلى (وفيها المعتبر عند بعضهم)

تعديل لمنشورٍ ثانٍ قال فيه إنّ الأسانيد الثلاثة (فيها المعتبر عندهم)

اعترافه بالقيام بالكذب على الجماهير وخديعتها عبر تحريف التسجيل الصوتي للسيد كمال الحيدري وإلقاء عبء الأزمة على أتباع التيار الأموي!!