الخميس، 7 مارس 2019

جنبلاط الحوزة العلميّة: فنونُ التملُّق نحو المرجعية العليا في النجف الأشرف


جنبلاط الحوزة العلميّة: فنونُ التملُّق نحو المرجعية العليا في النجف الأشرف

من المعلوم أنّه بعد إفلاس ميثاق العسر في قم المقدسة وطرد أستاذه له؛ ليستفرد بكامل امتيازات المرجعيّة الشموليّة، بدأ في بداية مشواره الجديد بإطلاق بعض عبارات التملّق الناعمة تجاه مرجعيّة السيد عليّ السيستاني (حفظه الله) حتى غالى في ذلك بنحوٍ جعل التشكيك فيها على وزانِ التشكيك في سائر مقولات مذهب التشيع على طريقة: إما أن تقتنعَ بهذا الاستدلال على مرجعيّته وأعلميّته أو ينبغي الشكُّ في التشيُّع!

ولا بأس بالتذكير بنصِّ كلامه والذي يشيرُ إلى أنّ مرجعية السيد السيستاني فرضت حضورها وتأثيرها عبر شهادات أهل الخبرة، حيث قال يوماً ما: [حينما يكون السيستاني مرجعاً للطائفة، ويشهد له ما يقرب من 90% من مجتهدي ووجوه وعلماء الطائفة بالاجتهاد والأعلميّة، فإذا كان جميعُهم متآمرين وغير متدينين فما هو الضمان إن هؤلاء الـ90% لا يقولوا شططاً وقشمريات في بقية عرضهم للمقولات الشيعيّة الأخرى؟! وإنّ المذهب الحقيقي ما يعرضه ويقدّمه الـ10% الباقية فقط. هذه البيانات لا أعتقد أنها موفقة شيخي العزيز، فعموم الناس تثق بعلمائها في مدنها ومحافظاتها، وإذا أردنا أن نشكك في دين وعلم هؤلاء جميعاً فعلينا أن نذهب لنختار مذهباً وديناً آخر].
وفي تعليق آخر بعد ذكر هذه النسبة المئوية من المجتهدين المذعنين لأعلميّة السيد السيستاني، قال مُعقّباً: [إذا كان جميع هؤلاء قد شهدوا بناءً على تخطيط اللوبيات الحوزوية كما يحبّذ بعضهم تسميتها، وإن شهاداتهم جميعاً باطلة وناتجة من مطامع وأغراض دنويّة شخصيّة... أقول إذا كان الأمر كذلك، فلنغسل أيدينا من المذهب ونقرأ على حوزاتنا السلام، ونفتح الباب أمام جميع الدكاكين التي فُتحت وستُفتح بعد ذلك].

ووفقاً لكلامه هنا: فإنّه يُفترض أنّ المرجعيّة قد ثبتت أركانها بالشكل الطبيعي عبر السبل العلميّة حيث حازت على ما يقارب إجماع الطائفة الشيعيّة على أعلميّته دون الحاجة إلى تدخُّل أي جهاتٍ خارجيّة أو «لوبيّات حوزويّة» في مثل هذا الأمر، كذا كانت اللغة الناعمة، وذلك حينما كان يترقّب شيئاً من النجف، وهذا الترقب كان أيضاً في فترة هجومه على أستاذه حيث كان يسير في تلك المرحلة على طريقة: اشهدوا لي عند الأمير..

وبعد ذلك، سرعان ما انقلب صاحبنا في قفزةٍ جنبلاطيّة أخرى، حيث صار يهاجم مرجعيّة السيد السيستاني بل ويهاجمه شخصياً عبر منشوراته حتى وصل سوء الأدب للتعريض به في أمور لا يرى العقلاء أو الفقهاء أنها خادشةٌ لو تمّت، كما أنّها أصبحت لاحقاً مرجعيّة السرقات الشرعية والمال مجهول المالك وفتاواها تحبس مطر السماء وتمنع بركة الأرض .. وووإلخ، مضافاً إلى محاولة التقليل من شأن فتوى الجهاد الكفائي بتعريضٍ من وحي مقولة: لو لم يخترع أديسون المصباح فسوف يخترعه غيرُه،.. وغير ذلك، والقفزة البهلوانيّة الظريفة ضمن هذه التقلُّبات هي مقولة أنّ الذي عيّن السيد السيستاني مرجعاً أعلى للطائفة هي لجنة مؤسسة السيد الخوئي في لندن!!
وهنا يحقّ لك أن تقول: واجنبلاطاه! وأين ذهب التسعون بالمائة من مجتهدي الطائفة وعلمائها؟!وكيف تبخّروا؟! وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يشكك هؤلاء التسعون بالمائة في هذا الأمر كما تفعل الآن؟ ولماذا أذعنوا جميعاً لهذه المرجعية؟! فإن لم يكن هو المجتهد الأعلم وسكتوا عن ذلك فأنت بنفسك أقررت أنّ التشيع يصبح على المحكّ إذا شككنا في هؤلاء، أليس كذلك؟!

هذا التقلّب والتلوّن الجنبلاطي هو ثمرة العمل بالانسياق وفقاً لـ«مقتضيات كل مرحلة»، فالتملُّق نحو مرجعية النجف كان يشكل طموحاً لفتح الأبواب بعد أن أُغلقت في حوزة قم، ولما سُدَّت الأبواب أمام المتملقين وبائعي المديح الفَسِل بالمجّان، قلب لهم ظهر المِجَنِ، وبانت العداوة والبغضاء، وبدأ التشكيك في هذه المرجعية، وشرع بإبرازها على أنها ثمرة توصيات لجنة - ليس فيها مجتهدٌ واحدٌ - جلست ذات يوم في لندن فرسمت مصير طائفةٍ بأكملها!

أقولها بكل صراحة، وليتها تجد محلاً في أذن صاحبنا..لو كان ميثاق العسر قد تخلّى عن القناعة القائمة على معادلة: (الوجود المثمر = الوجود ضمن مكتب أو حاشية) لما ابتلي بتملّق فلانٍ يوماً وذمِّه يوماً، ولكنه من الأشخاص الذين لا يرون لأنفسهم وجوداً حقيقياً إلا تحت عباءة الآخرين، وها هو الآن انصرف عن تملّق النجف إلى مُغازلة الوهابية واستنساخ طريقتهم وإشكالاتهم على التشيع ليكررها بشكل ببغائيّ، وهي مجرد أوراق محترقة مكررة نعرفها منذ سنوات طويلة، فنسألُ الله حسن العاقبةِ.

كان من دعاء الإمام عليّ بن الحسين (عليه السلام) المعروف بدعاء «مكارم الأخلاق» وهو يُعلّم شيعته آداباً أخلاقيةً عظيمةً..:
(اللهم صل على محمد وآله، وصُنْ وجهي باليَسار، ولا تبتذل جاهي بالإقتار، فأسترزق أهل رزقك، وأستعطي شرار خلقك، فأفتتن من بحمد من أعطاني، وأبتلى بذمِّ من منعني، وأنت من دونهم وليُّ الإعطاء والمنع).

 المعلّقات الميثاقيّة في الفنون التملقيّة






فرية تعيين لجنة مؤسسة السيد الخوئي في لندن لتعيين المرجع الأعلى للشيعة!!