الأحد، 17 مارس 2019

جنبلاط الحوزة العلمية: يحوطون التقليد ما درّت معايشهم، فإذا فُتنوا منعوا التقليد!


جنبلاط الحوزة العلمية: يحوطون التقليد ما درّت معايشهم، فإذا فُتنوا منعوا التقليد!

ضمن قفزةٍ بهلوانيّة أخرى، خرج ميثاق العسر داعياً النَّاسَ إلى عدم تقليد الفقهاء، فكتب بتاريخ (6/3/2019) ما نصّه: (لا تضعوا قلادة التّقليد الباطلة في أعناقكم فتكونوا أسارى بيد من يجهل حاضره ومستقبله بل وماضيه النّافع أيضاً؛ فكلّ ما تسمعونه من أدلّة وجوب التّقليد بل والإفتاء ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالتّقليد والإفتاء بصيغتهما الحوزويّة المعاصرة، وإنّما هي مساع حوزويّة تأتي في سياق الصّراع من أجل إثبات الذّات، وليس لها علاقة بدين الله الواضح الجليّ السّاطع والمنير، فتأمّلوا كثيراً، والله من وراء القصد).

إذن: بالنسبة إليه، التقليد الآن هو عبارة عن مساعٍ حوزوية في صراعٍ لإثبات الذات، وليس نافذةً لإبراء ذمّة المكلف في إتيانه التكاليف الشرعيّة!

وبغضّ النظر عن التهريج البعيد عن النقاش العلميّ في هذا الكلام، فإنَّه لا يخفى على القُرّاء الكرام أنّك كُنت بوقاً داعياً لمرجعيّة أستاذك الحيدريّ وتقليده، وهنا نعرضُ للإخوة بعض ما يتّضحُ به أنّ آراء هذا الرجل تدور مدار مصالحه ومنافعه، فهو يتقلّبُ بين الأقوال وفقّ مصلحة جرِّ النار إلى قُرصهِ، ونقول:

أولاً: لقد اعترفتَ بأنّك زمان دعوتك لتقليد أستاذك كمرجعٍ شموليٍّ أعلم كنت لا تعتقدُ باجتهاده فضلاً عن أعلميّته، وكنت تعرفُ أنَّ مزاج أستاذك لا يُلائم مذاق الفقاهة، فهو غارقٌ إلى أبعد حدٍّ في دروس الفلسفة والعرفان دون الفقه والأصول، ومع ذلك خدعتَ النَّاسَ وكذبتَ عليهم وروَّجتَ لشخصٍ ما شمَّ رائحةَ الفقه قط بشهادة السيد الفقيه محمود الهاشمي الشاهروي (رحمه الله)، وللقارئ أن يطّلع على بعض اعترافاتك بالكذب وستر الحقائق عن الناس بهدف جمع الأتباع المقلّدين الذين سينتفعُ أستاذك بهم ماديّاً في مرحلة لاحقة.

1. كتب ميثاق العسر على صفحته الشخصية في فيسبوك بتاريخ (23/6/2015): (فأنا يا أصدقائي: تلميذه (الوحيد) ـ وأضع الوحيد بين قوسين لتأكيدها ـ الذي وقف معه في (التأسيس) لمشروع مرجعيّته، ودفعه للتصدّي لمقام الإفتاء؛ وهو أمرٌ كلّفني كثير من المخاطر التي لا أجد الفرصة مناسبة لذكرها، ولكن ـ وأيّ لكن هذه ـ لم يكن وقوفي معه ودفعي إياه لذلك قائماً على أساس اعتقادي باعلميّته الفقهيّة أو الشموليّة (كشخص)؛ فهو يعرف جيّداً: إنّي لست مؤمناً بذلك، بل كان يتجنّب الحديث معي حول اجتهاده واعلميّته أصلاً..إلخ).
2. كتب ميثاق العسر على صفحته بتاريخ (5/6/2015): (سألني السيد الخامنئي (دامت بركاته) يوماً بلغة عربية (فصيحة) وأنا أستقبله وأحتفي به في غرفة مؤسسة الإمام الجواد (ع) التي خصّصناها لعرض تراث السيد الحيدري المرئي والمسموع:
هل له كتبٌ فقهيّة؟
سرعان ما أجبته: نعم سيدنا الجليل؛ لديه كتاب (لا ضرر ولا ضرار) تقريراً لأبحاث السيد الصدر...!!!!
لم يكن بوسعي أن أقدّم غير هذا الجواب لسؤال عرفت في داخلي سرّه وما ورائياته، وتفطّنت لدقّته وعمق مرتكزاته؛ فالحضور الفقهي ولو على المستوى اليسير كان أرقاً يلاحقني وأنا أدفع باتجاه مشروع المرجعيّة الشموليّة وأبشّر به، وهي المعضلة التي احرجتني كثيراً مع بعض الفضلاء من أصدقائي، وحاولت جاهداً ردمها من خلال الضغط على صاحبي نحو الاهتمام بالدرس الفقهيّ، لكن صاحبي أبى واستعصم ولسان حاله يقول: إن ابن عربي أكرم مثواي، إنه لا يفلح الفقهاء والمحدّثون)، انتهى النقل بنصّه.

وهذا النصّان يكشفان عن مسألة خطيرةٍ جدّاً، وهي أنّ صاحبنا العسر كان يدعو إلى تقليدِ رجلٍ لا حظَّ له من الدراية الكافية بعلمَيْ الفقه والأصول، وقد كان في داخله غير مؤمنٍ بفقاهته وأعلميّته، ومع ذلك يدعو النّاس إليه، فكان مصداقاً للكذّاب المخادع الذي يتكلّم وفقاً لمنطق المصلحة والمنفعة الخاصّة.
ويا للمُفارقة:
أ. في زمان إيمانه بالتقليد دعاهم إلى تقليد فاقد الفقاهة والأهلية للمرجعيّة والتقليد.
ب. في زمان إنقلابه ينهاهم عن الرجوع لأحدٍ متجاهلاً الفقهاء المجتهدين العدول!

ومفارقة أخرى: إنّه بعد أن طُرِدَ من قِبل أستاذه عن مشروع المرجعيّة الشموليّة، أصبح يجاهرُ بفقدان أستاذه لأهليّة التقليد والتصدّي للمرجعيّة، وصرَّح مُعرِّضاً بأستاذه أمام النّاس أن الذي ينبغي تقليده هو الذي ثبت اجتهاده التقليديّ عبر الآليات الحوزوية المتعارفة، وهذا الكلام لم يقله عبثاً، وإنما في سياق تحطيم صورة أستاذه الذي طرده مدحوراً بالخيبة، وفي ذلك السياق، وللمزيد من التحطيم، منح الاجتهاد التقليديّ والآليّات الحوزويّة المتعارفة الشرعيّةَ الكاملة والحجيّة التامّة، لماذا؟ لأنه في مقام تحطيم مرجعيّة أستاذه وتسقيطها، ولكل مقام مقال!
كتب ميثاق العسر على صفحته بتاريخ (24/6/2015): (إن مفتاح الاجتهاد الشمولي ومرجعيّته هو: التسلّح بالاجتهاد (التقليديّ)؛ فإذا أراد أحدٌ أن يدّع لنفسه (مرجعيّة شموليّة) فعليه أن يثبت أولاً: اجتهاده التقليديّ من خلال آليّات الحوزة المتعارفة، وحينذاك يجوز للمكلّف تقليده إذا ثبتت له اعلميّته)، انتهى.
والسؤال: أين كانت هذه النباهة والذكاء والحذاقة حينما كُنتَ تخدعُ الناس بالترويج لمرجعية رجلٍ لا حظّ له من الفقاهة والاجتهاد التقليديّ؟!

ومفارقة أخرى: أنّ من لوازم كلامه في تشويه التقليد الطّعن في سماحة السيّد الفقيه محمود الهاشمي الشاهروديّ (رحمة الله عليه)، وهذا ليس بشيء في نظر صاحبنا، فإنّه كـ(الطّاعن نفسَه ليقُتلَ رِدْفَهُ)، فماذا لو سألَ أحدٌ ميثاقَ العسر وقال له: أنت ادّعيت أنّ التقليد بصيغته المعاصرة يأتي في سياق صراعات حوزويّة لإثبات الذّات، فهلَّا حدَّثتنا عن جهود أستاذك المرحوم في طرح مرجعيّته وتقليده بـ(صياغته الحوزويّة المعاصرة) ضمن الصراعات التي لا تمتّ للدين بصلة؟! ولأيّ شيء كان أستاذك يصارع ما دام أن هذا صراع لا ربط له بالدين؟! ماذا سيكون جوابه حينها؟!
نعم؛ مثله لا وفاء عنده لأستاذه، ومن الممكن أن يطلق كلاماً يشمل أستاذه بنحوٍ أعظم من ذلك، المهم أن يوجّه مطاعنه إلى الحوزة العلميّة ولو كلّفه ذلك إسقاط سمعة أستاذه الذي بذل شطراً من عمره ليكون له ولأمثاله مربياً ومعلّماً، ولكن الزراعة في الأرض السبخة لا تُثمر، كما لا يُثمر كرمُ الكرام في الأراذل واللئام.
فهذا المنطق يستلزمُ الطّعن في أستاذه الذي له الفضل عليه من رأسه إلى أخمص قدمه، ونحنُ نربأ بفقيهٍ كالسيد الشاهروديّ (رحمه الله) وغيره من الفقهاء الأعلام أن يكونوا كما وصفَ هذا الجنبلاطيّ المتقلّب، فإنّه يكذب ويفتري لأنّ التقليد لم يعد (يدرّ عليه معايشه)، وهو يؤيّد التقليد متى اجتمع الأتباعُ لمرجعيّة تدرّ عليه شيئاً لدنياه، فإذا مُحِّصُوا بالبلاء قلَّ الديَّانون.. وهذا هو ديدنُ عبيد الدنيا.

والخلاصة: إنّ أمثال هذا المتلوّن وأشباهه لا يمكن ائتمانهم على الموقف العلميّ المُنصف تجاه فكرة التقليد، وإنّما هو مجرّد إنسان متقلّب يتكلّم بحسب الأرضية التي يقف عليها، والمصلحة التي ينتفعُ منها، فإنه..
1. إذا كان عبداً موظّفاً في مكتب أستاذه الحيدريّ فينبغي أن يقوم الناس بالتقليد، حتى وإنْ كان الحيدري فاقداً لأدنى مقوّمات الأهلية.
2. وإذا ثار ضدّ أستاذه وأراد تحجيمه جعلَ (الاجتهاد التقليدي) معياراً، واعتبر آليات الحوزة العلمية المتعارفة مناطاً في الإثبات، وقَبِلَ بها حُجَّـةً لجواز التقليد.
3. وإذا خسر دنياه في التجارة بالدين، ذهب إلى نفي التقليد رأساً؛ لأن المضاربة التجاريّة في بازار الترويج للمرجعية الوهميّة المنتفخة إعلامياً لم تكن ناجحةً، وكانت صفقةً خاسرةً، وخسرت صفقة عبدٍ لم يهذّب نفسه حتى أمسى تاجراً بدينه.

كذبة وجوب التقليد بصيغته المُعاصرة!!

اعترافه بقصور أستاذه الحيدري فقهاً وأصولاً في زمن ترويجه لمرجعيّته، ومع ذلك كان يدعو إلى (تقليده)

واعترافٌ آخر..


قوله بوجوب الاجتهاد التقليديّ وحجيّة الآليات الحوزوية المتعارفة في إثباته...ولك أن ترى القفزة المصلحيّة بين (حجية الآليات الحوزوية المتعارفة) إلى (بطلان الصيغة المعاصرة للتقليد)!!