الثلاثاء، 26 مارس 2019

فضائل وخصال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الأحاديث المعتبرة (2)


بسم الله الرحمن الرحيم
فضائل وخصال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الأحاديث المعتبرة


تعجزُ الأقلام حقّاً عن إحصاء فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فهو إمام الموحدين، وسيّد المؤمنين، وخير البرية أجمعين، الذي أقام أعواد منابر الإسلام بسيفه، وضرب بعمله الصالح أروع أمثلة الزهد والتقوى، وهو في العِلم سابقُ العالمين، وفي العبادة قد سادَ العابدين، وفي التجافي عن دار الغرور قد أتعبَ من بعده إذ طلّقها إلى الأبد حينَ رآها كالحيّة ليِّنٌ مسها قاتلٌ سمُّها، .. وفي المقام نذكرُ جملةً من الأخبار التي تشيرُ إلى بعض خصاله الرفيعة، فهذه الأخبارُ تبيّنُ:
1. عظمة جهاده بين يديّ رسول الله (صلى الله عليه وآله).
2. تأييد الله له في الحرب بجبرائيل وميكائيل عن يمينه ويساره.
3. أنّه كان منصوراً دائماً بمددِ الله وعونه وتأييده.
4. كان سابقاً مرتفعَ المقام، لا يسبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، لا في علم ولا عملٍ.
5. أنّه استشهد وتركَ تركةً تقدّر بـ700 درهم فقط.

وهذا الخبر معتبرٌ بلا ريب، قد أقرّ بذلك أهل التحقيق، فهو مما صحّت طرقه عند أهل السنة والشيعة الإماميّة معاً، فضلاً عن تعدّد طرقه الموجب للاطمئنان بصدوره.

أولاً: روى ثقة الإسلام الكليني بسندٍ صحيحٍ:
(محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد؛
وعليُّ بن محمد، عن سهل بن زياد جميعاً؛
عن ابن محبوبٍ، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: «لما قُبِضَ أمير المؤمنين عليه السلام، قام الحسنُ بن علي عليه السلام في مسجد الكوفة، فحمدَ الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيِّ (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: أيها الناس، إنّه قد قُبِضَ في هذه الليلة رجلٌ ما سبقهُ الأولون، ولا يُدركه الآخرون، إنْ كان لصاحب راية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، عن يمينه جبرئيل، وعن يساره ميكائيل، لا ينثني حتى يفتح الله له، واللهِ ما ترك بيضاء ولا حمراء إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً لأهله، والله لقد قُبِضَ في الليلة التي فيها قُبِضَ وصي موسى يوشع بن نون، والليلة التي عُرج فيها بعيسى بن مريم، والليلة التي نزل فيها القرآن»(1).

ثانياً: روى أحمدُ بن حنبل في مسنده:
(حدثنا وكيع، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن هبيرة: خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنه، فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله يبعثه بالراية: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يُفتَح له).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (حَسَنٌ)(2).

ثالثاً: روى أحمد بن حنبل في مسنده بإسنادٍ آخر:
(حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي رضي الله عنهما، فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم، ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله ليبعثه ويعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء، إلا سبع مائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (حَسَنٌ)(3).
وعلّق على هذا الخبر المحققُ أحمد شاكر بقوله: (إسناده صحيح)(4).
وعلّقَ على هذا الخبر المحقق وصي الله بن محمد عباس بقوله: (إسناده صحيح)(5).

رابعاً: روى أبو بكر بن أبي شيبة في مصنّفه:
(حدثنا عبد الله بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، قال: سمعت الحسن بن علي قام خطيباً فخطب الناس، فقال: يا أيها الناس، لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه الآخرون، ولقد كان رسول الله يبعثه المبعث فيعطيه الراية فما يرجع حتى يفتح الله عليه، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، ما ترك بيضاء ولا صفراء إلا سبعمئة درهم فضلت من عطائه، أراد أن يشتري بها خادماً)(6).
وقد روى الحافظ ابن حبان هذا الخبر من طريق أبي بكر بن أبي شيبة بنفس هذا الإسناد في صحيحه، وهو لا يروي فيه إلا ما كان صحيحاً عنده، وقد أشار الشيخ محمد ناصر الدين الألباني إلى صحّته أيضاً (7).
كما أشار المحقق وصي الله بن محمد عباس إلى صحّة الإسناد، فقال عند تعليقه على الخبر من رواية أحمد في الفضائل: (وأخرجه ابن حبان كما في الموارد من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق. وإسناده صحيح)(8).
وروى ابن أبي شيبة أيضاً: (حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، قال: خطبنا الحسن بن علي بعد وفاة علي، فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله يعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح الله عليه).
وعلّق المحقق محمد عوامة على هذا الإسناد بقوله: (إسناد المصنف حسن)(9).



ــــــــــــــــــ
(1) الكافي الشريف، ج2، ص486-487، كتاب الحُجَّة، باب مولد أمير المؤمنين عليه السلام، رقم الحديث 8.
(2) مسند أحمد بن حنبل، ج3، ص246، رقم الحديث 1719.
(3) مسند أحمد بن حنبل، ج3، ص247، رقم الحديث 1720.
(4)  مسند أحمد بن حنبل، ج2، ص344، رقم الحديث 1720.
(5) فضائل الصحابة لابن حنبل، ج1، ص674، رقم الحديث 922.
(6) المصنف، ج17، ص119-120، رقم الحديث 32768.
(7) التعليقات الحِسان على صحيح ابن حبان، ج10، ص74، رقم الحديث 6897.
(8) فضائل الصحابة لابن حنبل، ج1، ص674، بالهامش.
(9) المصنف، ج17، ص124، رقم الحديث 32773.