الخميس، 21 سبتمبر 2023

نقد الزيديّة (1) || لماذا الإماميّة دون الزيديّة؟

بسم الله الرحمن الرحيم
نقد الزيديّة (1) || لماذا الإماميّة دون الزيديّة؟

سأل أحد الإخوة الأعزّاء سؤالاً مفاده: أنّ الباحث السنيّ أو غيره بعد علمه بضرورة اتّباع الثّقلين تبعاً للحديث الصّحيح المرويّ عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، لماذا يختار أكثر المستبصرين مذهب الإماميّة دون الزيديّة، مع أنّ الزيديّة ترفع راية إمامة أهل البيت عليهم السّلام، وترى أئمّتها مصداقاً للحديث النبويّ؟
والكلام في هذه المسألة طويلٌ جدّاً، ويحتاج إلى دراسة تاريخيّة وعقائديّة لمذهب الزيديّة، وسوف أشير إليها إجمالاً في منشورات لاحقة، إلّا أنني أطرح -من باب المقدّمة- النّظرة العامّة إلى مذهب الزيديّة، وجملةً من وجوه الخلل في الطرح العقائديّ لديهم، والتي سنفصّل الكلام فيها لاحقاً.
والذي يظهر من خلال مطالعة كتب التاريخ والكلام أنّ الزّيديّة في بدو أمرها كانت حركةً سياسيّةً، وسرعان ما تحوّلت إلى قالب دينيّ للحفاظ على وجودها؛ إذ كان الدّين هو مدار حياة الجماعات في القرون الأولى، وهو الذي يمكن أن يُسبغ صفة الشّرعيّة على مسيرتها، فكان لا بدّ من "مذهبة" هذه الحركة السياسيّة الثوريّة، ولذا اضّطرت -كغيرها من المذاهب كالعبّاسيّين وأمثالهم- إلى التّنظير والتقعيد الكلاميّ لادّعاءاتها، فضلاً عن اختلاق الأحاديث السّخيفة التي تفوح منها رائحة الوضع، ومع ذلك لم يخلُ أمرهم من معضلاتٍ وعقباتٍ تتعلّق بمسألة إمامة أهل البيت (عليهم السّلام) ومدى مصداقيّة كون أئمّتهم مصداقاً لحديث الثقلين وما ورد في الأحاديث من ذكر صفات الأئمّة، ومدى انطباقها عليهم. والأمر الآخر وهو الكلام في ميراث النبيّ والوصيّ -صلوات الله عليهما- ومدى صدق تحقّق دعوى الوراثة.
هذا ما سأتكلّم عنه تحديداً -وله فروع كثيرة-، ثم إن سنحت الفرصة نشير إلى ذكر مسائل متفرّقة تتعلق ببحث الجهاد والتقيّة وسيرة الأئمّة وغيرها إن شاء الله تعالى.

يُتبع..